عرض مشاركة واحدة
قديم 07-13-2011, 05:34 AM   المشاركة رقم: 1 (permalink)
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو مميز
الرتبة


البيانات
التسجيل: Dec 2010
العضوية: 5
المشاركات: 4,781 [+]
بمعدل : 0.98 يوميا
اخر زياره : [+]

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
تمارة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : مركز بورصة الاسهم السعودية
الربا سبب تدهور النظام المالي في كل المجتمعات


خطبة لسماحة المفتي الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ حفظه الله



إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين أما بعد:

فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى حق التقوى، عباد الله شريعة الإسلام جاءت بتنظيم حياة الإنسان، بتنظيم حياة الناس، جاءت بتنظيم حياة الناس الفردية والجماعية بوضع قواعد ومبادئ تحدد علاقة الأفراد بعضهم ببعض، وجاءت بترميم المعاملات المالية والاقتصادية بما يحفظ الحقوق ويمنع البخس والتخسير، ويمنع الظلم وأكل أموال الناس بالباطل. ولما كانت المعاملة الربوية في مقدمة تلك المعاملات المحرمة، والمكاسب الخبيثة، لما تشتمل عليه من الظلم وأكل أموال الناس بالباطل ولما تحتويه من ضرر آثاره سيئة على النظام المالي العالمي في المجتمعات؛ جاءت نصوص الكتاب والسنة بالحرب مزعجة والتأكيد المرعد على أكلة الربا، على تلك المعاملات القذرة السيئة؛ لأن هذا الربا يسحق البشرية ويشقيها في حياتها أفراداً وجماعاتٍ وشعوب لأجل مصلحة فئة مرابية تأول الأمر بأن يكون بيدها الأموال، يتحكم في مصير الناس بما يشاءون ويهوون؛ جاءت نصوص القرآن والسنة لتحذر من الربا وتبين عواقبه الوخيمة في الدنيا والآخرة، نصوص من القرآن والسنة قطعية الدلالة لم يأتي ما ينسخها وما يخففها، بل هي آيات محكمات هن من آخر القرآن نزولا، وأحاديث صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجماعٌ من الأمة إجماعاً قطعياً بأن تحريم الربا معلوم من دين الإسلام بالضرورة بل تحريمه عامٌ في شرائع الله السابقة قال تعالى، فيجب على المسلم أن يعتقد حرمته ويعلم أن حرمته حق ومن شك في تحريمه أو ارتاب في تحريمه أو تردد في ذلك وقد بلغه آيات القرآن والسنة؛ فتلك ردة عن الإسلام نسأل الله السلامة والعافية.

أيها المسلمون يقول الله جل وعلا: (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون واتقوا النار التي أعدت للكافرين وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون) فانظر أخي كيف جاء الوعيد الشديد واتقوا النار التي أعدت للكافرين فاحذروا أكل الربا أن لا يئول بكم إلى دخول النار وابتعدوا عنه لعلكم ترحمون وأخبر تعالى أن المرابي محارب لله ورسوله قال جل وعلا: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)) فإن لم تفعلوا فأذنوا بحربٍ من الله ورسوله وأخبر أنه ظلم وقال: ((وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ)) ووصف المرابين يوم القيامة باسوء الصفات فقال: ((الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)) وأخبر أن مكاسبه ممحوقة وأن الفقر والذل لا بد أن ينال المتعامل بالربا ((يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ)) وذم اليهود في استحلالهم الربا بقوله: ((وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا)) فكيف تطمئن نفس امرئ مسلم وهو يسمع هذا الوعيد الشديد والتهديد الأكيد فيقدم على هذه المعاملات المحرمة وسنة محمد صلى الله عليه وسلم بالتحذير من تلكم المعاملة القبيحة فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه) كل أولئك الخمسة ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم الآكل والمؤكل والكاتب والشاهدان كل أولئك ملعونون لأنهم أعوانٌ على الإثم والعدوان فالآكل للربا والدافع للربا والشاهد والمبرم عقد الربا كل أولئك ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الربا موضوع كله فقال في خطبة يوم عرفة: (ألا إن كل ربا من ربا الجاهلية فتحت قدمي موضوع وأول ربا أضعه من ربانا ربا العباس بن عبد المطلب) فهو موضوع كله وقال صلى ويروى عنه صلى الله عليه وسلم قوله: (بضعٌ وثلاث وسبعون بابا أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه) هذا أيسرها أعاذنا الله وإياكم ويروى عنه أنه قال: (درهم من حرام أعظم إثماً عند الله من ستاً وثلاثين زنية في الإسلام) فهذا وعيد شديد عظيم وأخبر صلى الله عليه وسلم أن المرابي مردود دعاءه وطرق الخير مسدودة عنه فيقول فيقول صلى الله عليه وسلم لما ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك إذاً يا معشر المسلمين هذا بلاءٌ عظيم وفسادٌ كبير ضرره آثاره على الأفراد والمجتمعات طال الزمن أم قصر لأن الله يقول: ((يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا)) فلا بد من تحقيق هذا الوعيد الشديد على من استحل هذا المحرم العظيم ورضي به واطمأن إليه أيها المسلم إن الله جل وعلا ما أمرنا بشيء إلا والخير والسعادة لنا فيه في دنيانا وآخرتنا وما نهانا عن شيء إلا والشقاء والبلاء في مرتكبه في الدنيا والآخرة والربا حرمه الله ولتحريمه حكم وأسرار قد يعجز العبد عن إحصائها وتعدادها لكن يتلمس المسلم كثير من تلكم الجوانب التي لأجلها حرم الله هذا البلاء العظيم وإن للربا أضراراً أخلاقية إذ المرابي مشتمل على البخل وتحجر القلب وضيق الصدر وعبادة المال والاغترار به والخضوع له ومن أضراره الاجتماعية أن المجتمع المتعامل بالربا مجتمعٌ منهارٌ متفكك لا يلوي بعض على بعض ولا يرحم أحداً أحداً إلا المصالح المادية المتبادلة بينهم وإن الربا محرم سواءٌ كان الترابي مع الفقير وهو أكثر أو سواءٌ كان مع المنتجين كذلك المنتجين أو سواءٌ كان مع الدول أو مع المنظمات المالية فسواءٌ كان آخذ الربا فقيرا يأخذه لمصلحة نفسه الخاصة هذا أيضاً ظلم وعارٌ على المسلم أو سواءٌ كان إنتاجياً لإقامة مشروع ما فحرام أيضاً لأن ضرر ذلك سينتقل إلى الأفراد إلى سلوكياتهم أو سواءٌ كان بين الحكومات والدول الغنية أو بينها وبين المنظمات المالية الكل ضرر يتعدى على الأفراد والجماعة أيها المسلم إن الربا يسبب التضخم المالي وإن الربا ينتج من وضع الأمة الإسلامية أموالها وفائض أموالها بين يدي أعداءها ليشجعوا بها مصانعهم ويشيدوا بها مزارعهم ويطوروا إنتاجهم ولكن الضرر على الأمة بأن هؤلاء الأعداء بإستولائهم على ثروات المسلمين لابد أن يفرضوا عليهم أموراً تخالف شرع الله ويتحكموا باقتصادهم من قرب أو بعد إن الربا يجلب البطالة وتعطيل القوى العاملة فالبطالة إنما تنتشر بالربا وتتعطل القوى بالربا إذ المرابي لا يريد مصلحة للأمة في حاضرها ولا في مستقبلها وإنما يهمه أرباحه وارتفاع رصيده سواءٌ ضرت الأمة ألحق بأمته ضرر أم لا فهو لا يبالي إلا بمصلحته الخاصة إن الربا يقسي القلوب وإنه يحدث العداوة والبغضاء بين أفراد المجتمع وإن المرابي لا يبالي ولو جرد المتعامل من أملاكه كلها لا يبالي ولا يرعوي وإنما يهمه الأرباح من وراء أولئك أيها المسلمون إن الربا في الجاهلية الذي جاء الإسلام بتحريمه كانت له صور سيئة وعواقب وخيمة ولكن عواقب الربا في العصر الحاضر قد استبان شرها وعظم ضررها ورأى وذاق كثير من الناس آثارها السيئة في زمان في أيام مضت لو قلت لبعض الناس أن الربا محرم وسقت الآيات والأحاديث الصحيحة في تحريم الربا لقابلك بالإنكار والتكذيب ولقال لك إن الربا ضرورية لاقتصاد العصر وإن المنظمات لرأس المال الاقتصادي لا بد من ربا ينزاعك وتقول حرمه الله وهو يقول ضرورة من الضرورات وهاهي تتهاوى أسهم الباطل وهاهو اليوم تتهاوى تلك الآراء ويظهر الحق ويعلو الحق ويستبين الباطل لكل أحد هاهي اليوم التي بنيت منذ سنين طويلة تنهار في أيام معدودة ويستبين عورها وشررها وضررها لكل عاقل أيها المسلم أيها المسلم إن ما عاشه الناس أيام ..14:24.. من هذه المعاملات الربوية التي تأثرت به المؤسسات المالية والمجمعات الاقتصادية والتي لم يقتصر ضررها على بنوك بعد افلاس ولكنها تعدت حتى على الحكومات والشعوب هذا البلاء العظيم سببه الفوائد الربوية سببه الغرر سببه الغرر وسببه القمار فالغرر الذي حلله الربا الإسلام جاء بتحريم الغرر ونهى عن بيع الغرر نهى عن بيع لا تعرف عينه ونهى عن بيوع لا يعرف أجلها ونهى عن بيوع لا يعرف أحد ثمنها ونهى عن بيع ما لم يملك الإنسان ونهى عن المبيع قبل قبضه حماية للمجتمع من أسباب التفكك والاختلاف والنزاع والمرابون عاكسوا كل هذا عكس كله فأجروا شركات التأمين المحرمة التي أغريت الناس وسلبت أموالهم وصارت سبب للانهيار الاقتصادي في العالم إنها إسنادات لقروض مؤجلة بعيدة الأجل تعاطاها الناس بينهم وأصبحت كل يبيع ويقلب هذه الأسناد بلا رصيد لها حتى وقعت الواقعة عليهم كل ذلك لأن الشرع يخالف كل هذه الأشياء والاقتصاديون ذوو العقلاء منهم ومن عايشوا هذه الخسارة العظيمة أقروا رغم أنوفهم بأن الإسلام هو المخلص لمعاملاتهم من هذا الارتباك وأن القرآن والسنة لو طبقت على أمورهم المالية لارتاحوا من كثير من هذه المشاكل وصدق الله وصدق الله في قوله: ((وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا)) فربنا جل وعلا حرم الربا ((أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)) إن هذه المعاملات الربوية وما حل بأهلها من هذه العقوبات جزاءً وفاقا وتذكيراً وتحذيراً للأمة من الاستمرار على هذا المنهج السيئ وإرشاداً لها لتعيد تقويم اقتصادها وتنظيم شؤونها المالية على ما يوافق شرع الله ففيه والله الكفاية والخير لكن المرابين لا يريدون ذلك يريدون أن يظلموا الناس وأن يستبدوا بالخيرات وأن يجعلوا الفقر ملازمٌ للمجتمعات والتحكم في اقتصادهم تحت ظل الإصلاح الاقتصادي وهم كاذبون في ذلك إن الإسلام هو دين الحق الذي بعث الله به عبده ورسوله محمد هو دين الحق الصالح لكل زمان ومكان المواكب لكل الحضارات والرقي إذا ضبط بأحكامه الشرعية وحوفظ على أصوله وضوابطه فالشرع فيه الكفاية للأمة وفيه الخير والصلاح ومن أصدق من الله حكماً لقوم يوقنون بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.









عرض البوم صور تمارة   رد مع اقتباس